العجوز و الثعلب
قصة: بيان الصفدي
-إلى ذكرى أبي الذي كان يحكي لي هذه الحكاية كل يوم..وأنا اليوم أرويها بطريقتي-
كان لإحدى العجائز ِ حمارٌ مسكين، يعملُ بلا كَلـَل ٍ ولا مَلـَل، ولا يصدُرُ منهُ أيُّ احتجاج ٍعلى ذلك، ويعتقدُ الناسَ أنَّ هذا من طبيعة الحمير ِ أساساً . .
ولأن العجوزَ تحبُّ حمارَها الطيب، فقد كانت تـُطـْلِقـُه ليرعى العشبَ في سَفـْح التلـَّة ِ المُطِلـّة ِ على القرية، فيذهبُ الحمارَ عندَ العصر، ثم يعودُ عندَ مَغيب ِ الشمس، وتحسُّ العجوزُ بوَقـْع حَوافره في فِناء المنزل، فتسرعُ لِتمسحَ على ظهره، وتدخلـَه إلى الإسطبل.لكن ما أثارَ استغرابَ العجوز ِ أنَّ حمارَها يزدادُ هُزالاً يوماً
بعدَ يوم. .
تـُرى. . ما السرُّ وراءَ ذلك؟
قررَت ِ العجوزُ أن تكشفَ السرَّ بنفسها، فراقبَت ِ الحمارَ من بعيد، وإذا بها ترى المشهدَ التالي:
بعدَ أن يصلَ الحمارُ إلى التلـَّة، يُسرع ُ ثعلبٌ و يَمْتطي ظهرَه، ويظلُّ يدغدِغ ُ ظهرَ الحمار ِ حتى يركضَ ذِهاباَ و إياباً، وهكذا حتى وقت ِ المغيب، فينزلُ الثعلبُ، ويمضي إلى حال سبيلـِه، ويتكرَّرُ الأمرُ يوماً بعدَ يوم.وهكذا قررَت ِ العجوزُ أن تحاسِبَ الثعلبُ على فعلـِهِ. . ماذا فعلتْ؟!
أحضرَت ِ العجوزُ جَرَّة َ الدِّبْس، وراحَتْ تدْهَنُ ظهرَ الحمار، ثم أطلقـَتـْه ليرعى عندَ التلة.
وحصلَ المَشهدُ الذي توقـَّعَتـْـه العجوز، ونتوقـَّعُه جميعاً.
عندَ المغيب ِ كان الحمارُ عائداَ إلى منزل العجوز ِ وسط َ صيحات ِ الأطفال، وهم يتقافزونَ حولـَه.
لقد التصقتْ مؤخَّرةُ الثعلبِ بظهرِ الحمار، ولم يَعُدْ يستطيعُ أن يهرُب.
أمَّا العجوزُ فقد جهَّزتْ عصا، وجلستْ تنتظرُ، وعندما وصلَ الحمارُ إلى فِناء المنزل ِ هَوَتْ على الثعلب تضربُه.
وأمسكتْ بالثعلب، وصَبَّت ِ الماءَ على ظهر الحمار، وأنزلت ِ الثعلبَ، ولم تكتف ِ بذلك، بل أرادتْ أن تحبسَه إلى اليوم التالي، ولأن العجوزَ كانت مُسنـَّة ً كثيراً، فلم تنتبهْ جيداَ، ولا أحدَ منَّا يتوقـَّعُ أن تحبسَ الثعلبَ في ذلك المكان، وضعَت ِ الثعلبَ في قـُنِّ الدجاج ِ حتى الصباح، ولكن. . . في الصباح .. عندما تفقـَّدت ِ القن َّ لم تجدْ سوى ريش ِ الدجاج!!.