مبدأ التوحيد:
1- إن دلائل وحدانية الله سبحانه ظاهرة واضحة في نظام هذا الكون المستقر، وأحداثه المنسقة، وسيره المنتظم .. ولو كان هناك إله غير الله لحدث الصراع بينهم على تسيير هذه المخلوقات وعندئذٍ يدب الفساد في الأرض والسماء.
قال الله سبحانه وتعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ} [الأنبياء: 22].
2- ولو كان مع الله آلهة أخرى لحاول بعضهم أن يستعلي على غيره، وعندئذ يشهد الكون حروباً مروعة مدمرة، ويكون الملكوت ميداناً لصراع جبار بين الآلهة المتنازعة أو لحاول الضعاف من هذه الآلهة المتنازعة أن يتعاونوا على من له القوة والنفوذ في هذا الملكوت.
قال الله سبحانه وتعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لابْتَغَوْا(1) إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً (2)، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا} [الإسراء: 42-43].
3- ولو كان مع الله آلهة أخرى لفصل كل إله ما خلق ولشاهدنا عمليات الانفصال والتجزئة ظاهرة في هذا الكون وكم تكون، الحياة سيئة لو أن للشمس إلهاً منع عنا ضوءها وأن للشجر إلهاً منع عنا ثمارها، وأن للسحب إلهاً منع عنا قطرها.
___________________________
(1) طلبوا.
(2) بالممانعة والمغالبة.
قال الله سبحانه وتعالى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [المؤمنون: 91].
التوحيد على قسمين: توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية:
1- توحيد الربوبية لله تعالى: فالله سبحانه وتعالى هو ربُّ السماوات والأرض ومن فيهن، ولم يشاركه في خلقها وتربيتها ومدَّها بالبقاء شريك.
قال الله سبحانه وتعالى:
{قُلْ لِمَنْ الأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ*سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ*قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ*سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ*قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ*سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّا تُسْحَرُونَ*بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [المؤمنون: 84 -90].
وقال الله سبحانه وتعالى:
{الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا(2)وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لأَنفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلا حَيَاةً وَلا نُشُورًا} [الفرقان:2-3].
2- توحيد الألوهية لله تعالى:
فلله تعالى الأمر والنهي والحكم والقضاء وهو الذي يستحق العبادة وحده.
فإننا نعبد الله وحده ولا نشرك بعبادته ونعبده بما أمرنا أن نعبده وعلى الشكل الذي أمرنا به دون أن نخترع أو نبتدع من عند أنفسنا عبادة لم يأذن بها الله تعالى.
ومن توحيد الإلهية: أن تحكم شريعة الله في كل أعمالنا الفردية والجماعية، لأن الله سبحانه له الخلق، ومن له الخلق فله الأمر.
وعبادة الله تكون بطاعته فيما أمرنا به وفيما نهانا عنه، وكل حكم على خلاف حكم الله يمثل استنكافاً عن طاعته في ذلك الحكم، فإذا كان ذلك طاعة لغير الله تعالى فهو شرك بالله فيما هو من خصائص ألوهيته، وهو يمثل نقضاً جزئياً لتوحيد الألوهية وإذا كان لك اتباعاً لهوى النفس فهو لون في ألوان عبادة الهوى.
قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} [هود: 123].
وقال تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110].
وقال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5].
فالله هو الواحد الأحد الذي يتصف بصفة الوحدانية، فإنه لا إله في حقيقة الأمر إلا الله.
قال الله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1].